الثلاثاء، 26 مارس 2013

مقال " يوم في دار الأيتام "

مقال
يوم في دار الأيتام
كانت المره الأولى التي ازور بها دارا للأيتام، فبعد يوم دراسي حافل بكليه البنات، سمعت أن مجموعه من زميلاتي سيذهبون الى دارا للأيتام، فأنتابتني رغبه شديده للذهاب معهم، وبالرغم من تردد بعضنا في الذهاب خاصه بعد ان قضينا يوما دراسيا مزدحم بالمحاضرات من التاسعه صباحا وحتى الثالثه عصرا، ورغبتهم في الذهاب الى منازلهم للإرتياح والسكينه في اخر يوم دارسي لنا في نهايه الأسبوع، حملنا انفسنا وعقدنا العزم على الذهاب، فقمنا بتجميع بعضا من المال لنقوم بشراء بعض الحلوى للأطفال بالدار، وبالفعل توجهنا الى "مرحبا "  وهو سوبر ماركت صغير أمام الكليه، وقمنا بشراء بعض الحاجيات و سرنا الى درا أيتام" "، وبمجرد ان ولجنا الدار أخذ الصبيه بالصياح من النوافذ، وعند الباب الداخلي لمسكنهم الى ان فتح لنا ودخلنا اليهم، وسبحان الرحمن، كانت وجوههم ضاحكه بريئه، يشع منها النور، وفرحوا بقدومنا كثيرا، وحلقت قلوبنا برؤياهم، وكانوا ثمانيه عشر صبيا وبنتا واحده، أكتشفنا عند خروجنا من الملجأ أن "منه" و أخوها " أحمد" لا يقيمون بالملجأ ولكن في أحد الشوارع المجاوره.
وأثناء تواجدنا بالملجأ، قمنا بتوزيع الحلوى على الصغار، وقمنا باللعب معهم، وقد أحبوا لعبه " المروحه " ، حيث نمسك بهم من ايديهم ونقوم بالدوران كالمروحه، وكنت أنا وأحدى زميلاتي عمدان المروحه والأطفال هم أجنحتها، وما ننفك ننتهي من أحدهم إلا ويأتي الأخر ليحصل على حصته من الطيران، وداخوا ودخنا معهم ، لقد كانوا مفعمين بالحيويه والنشاط، كثيري الحركه واللعب، وعلى حوائط الغرفه التي كنا معهم بها لوحات تعليميه معلقه، الحروف الإبجديه باللغتين العربيه والإنجليزيه، و لوحات تتضمن سلوكيات صحيحه واخرى خاطئه للتصرف في المنزل وفي الشارع وغيرها، بالإضافه الى لوحه تضم أنواعا من الخضار، وخريطه للعالم، وسبب سردي لتلك اللوحات أني كنت " التور جايد " لهؤلاء الصبيه، يمسكون بيدي ويجرونني الى لوحه لوحه لأقرأها لهم، وعندما غنيت لهم الحروف الأبجديه بالإنجليزيه والعربيه، كان طلب احدهم مني أن أعيد غنائها " غنيها تاني" ، و الحشد الأكبر كان عند خريطه العالم ، حيث كانت معلقه على الحائط، وأسفلها كرسي أصبح موطأ لأقدامهم الصغيره، يتنافسون جميعا للإشاره على اسم البلد التي أسألهم عنها، وهذا جعلني أشعر بمدى إقبال هؤلاء الفتيان على المعرفه، وفضولهم لمعرفه المزيد، شيئا لمسته فيهم ولم ألمسه في طلاب المدارس الإبتدائيه المعهوده بهذا الشكل الملحوظ، فسبحان الرزاق، فالذي يحرم من شئ يشتاق لتذوقه، ربما لأنهم لا يحصلون إلا على حصتين فقط في يومهم الدراسي بالمدرسه القريبه من الملجأ على يد أحد الشيوخ على حسب ما سمعت، لذلك وجدت بهم شغفا للعلم والمعرفه، وضربا من الفضول.
وما هو جدير بالذكر، و الذي لمس قلوبنا جميعا هو أن أحدى زميلاتنا، وبمجرد أن دخلنا الى الأطفال، ورأيناهم، ورأتهم هرعت الى الأسفل، ولم نرها بل سمعنا من احد الصبيان الذي رأها واقفه بالأسفل أنها تبكي، قلبها الرقيق لم يتحمل رؤيه هؤلاء الصبيه الذين حرموا من نعمه الأب، ونعمه الأم ، والعائله ، وربما كان سبب بكائها هو انها تذوقت بعضا مما يعانونه هؤلاء الأطفال، فقد علمت منها قبل ان نذهب الى الدار أن والدها متوفي، فقد فقدت أباها رحمه الله هو وموتى المسلمين جميعا رحمة واسعة، فلم يكن منها إلا الذهاب، فأخذت قلبها الجريح معها وذهبت، وعلى الرغم من انه كان يوما شاقا علينا جميعا ملئ بالمحاضرات والقفزات والشقلبازات، إلا أننا غادرنا في المساء ووجوهنا مشرقه، وقلوبنا تحمل نوعا من الرضا والفرحه.
وقد كان في يوم الخميس 14 إبريل 2011 ، ومع انتهاء اخر محاضراتنا، قررنا الذهاب الى دارا للأيتام القريب من كليتنا.
إهداء الى شريكاتي في هذه التجربه الرائعه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق