مقال
لقاء الجوارح
قلمي يرتعش لأن قلبي يرتعش ، وأنفاسي تتقطع ، وتهرب مني حيث أعجز عن التقاطها . و أكاد أجزم لو كنت أرى قلبي الآن ، أنه ينزف بشده تاركا وراؤه ألما لا يوصف ، فحين تعيش في دنيا لا تعرف لك فيها شريكا محبا أو صديقا وفيا أو عرقا يحن ، فأنها دنيا خاليه من النور ومن كل معاني الدفء ، وعن كل ماله معنى وكل ماله قيمه . بئسا لك من دنيا ، انك دنيا ولا زلت مستمرة في التدني وللأسف تأبين أن تتدني بمفردك ، ولكنك تأخذين معك كل ما هو جميل إلى حضيض موحش رائحته منتنة وأنفاسه كريهة ، رائحه تجعلك تختنق من أصابع قدميك وحتى أعلى قمه في رأسك بحيث تشعر أنك كالقنبلة الموقوتة التي توشك على الانفجار، ولكنها تفجر نفسها ولا تصيب أحدا بأذى ماعدا داخلها .
تبا" ،
تبا" ، تبا" وألف مليون تبا" لك من دنيا . أعترف أني أقف أمامك
عاجزة ، لا أعرف ماذا أقول ، ولا أعرف شيئا ، ولكن عقلي يحدثني بأن أغير
معدني ، وقلبي يتمزق بشده حيث يخالف عقلي .
فكيف له أن يتخلى عن محبه الناس ، ومحبه من هم أمام ناظريه ، ومن هم حوله ؟ ، كيف
يفقد هبه الحب الصادق ، والقلب الطيب ، والإخلاص العذب ، كيف ؟!! ، كيف ؟!! ، إن فعل فقد أصبح كغيره من القلوب قاس ، صلب ، متحجر لا يكسره فأس ، له جذور ممتدة تسلب كل من
حوله كل ذو منفعة ، غير مباليا إن ترك بعضا
من الماء لغيره مادام قد حصل على مراده ، ومادام يحثه طمعه على امتصاص المزيد ،
سيكون مثله مثل الحشائش الضارة أو كالنبات السام الممرض الذي يعيش بإمتته غيره ،
ولكم سأكرهه إن كان كذلك ولكن ....... عقلي لديه حجه قويه فهو لا يزال يقول لي إن كان
الآخرين لا يأبهون إلا بأنفسهم فافعلي مثلهم وإلا ستنتهين ، ولن تحصدي غير الحسرة
والألم والحزن على من لا يستحقون ، وأخشى أن ينتهي بي الأمر بنزاع فيما بين قلبي
وعقلي ، أو أن يغلب أحدهم على الأخر ، أو دون أن أجد جواب شافيا .
لا أعرف أين
اختفت القلوب . أين ؟؟؟ أين ؟؟؟ . بالله عليكم إن كان فيكم من يعرف فاليسرع بالإجابة . أين اختفت القلوب في هذه الدنيا
؟؟ لقد كان لدي أملا" كبيرا" في
أن أرى الخير في قلوب الناس ولكنه مع الوقت يخفت ضوءه أكثر فأكثر ، وأخشى أن يتلاشى .
ما عدت أعلم
شيئا ، صرت أنخدع ممن هم على مقربه مني ، ما عدت أعلم لي صديقا" أو قريبا" ، تاهت مني المعالم ، وصعقت من القريب أكثر من البعيد
، وأصبحت محاطة بالخوف والرهبة مم بداخل هؤلاء
... حولي وقربي ، تمنيت لو أن عيني منظارا" يرى ما وراء الجسد ، ينفذ إلى الروح ،
ويطًلع على خواطر القلوب وأسرارها حتى أحب من أحبني وأبتعد عمن لا يريد مني إلا
مصلحته ومنفعته الخاصة ، لا يريد إلا أن يستغلني لأكون وسيلته ليصل إلى ما يريد وما
يشتهي ، يكون بقربي عندما تكون لديه مصلحه خفيه يريد أن ينتزعها مني ، متخفيا"
وراء تلك البسمة الكاذبة ، والمعاملة الزائفة كأني خرقه بيضاء بين يديه القاسيتين
يعتصرني وقتما يشاء ويلقي بي وقتما يشاء . و أنا كالبلهاء أنخدع بتلك القشرة الخارجية اللامعة ولا أرى هذا السواد الذي يقبع
خلفها .
أي حياه هذه
التي نعيشها ؟! حياه مليئة بالمظاهر ، خاليه من المشاعر الرقيقة و المحبة الصادقة ، والأخوة المخلصة ، حياه تملؤها الذئاب . ذئاب
ضارية ، شرسة تعض إخوانها نزاعا على الفريسة أو
على قياده القطيع .لقد نظرت حولي يمينا ويسارا وحتى بأسفل الأرض ، وبالأعلى في
السماء حيث لا مكان لآدمي ، فلم أجد ما أبحث عنه ، لم أجد عائله متماسكة تحب بعضها
بعضا" لمجرد الحب والولاء فقط ، لم أجد صديقا مخلصا قلبا وقالبا ، لم أجد زوجا يقدر
ما تلاقيه زوجته من مشقه لتمنح عائلتها حياه مرتبه نظيفه ، لم أجد مجالا" مهما
تباين نوعه أو لونه إلا ويملؤه الصراع والقتال ، ويسوده الحقد ، لم أجد أخا" إلا
وينتهك حقوق أخيه أبسطهم حقه في رؤيته ووده وصلته (وهذه التي قسمتني ) ، و لم أجد إلا
النار والشرار والسواد القاتم . لقد فقدت الثقة بالجميع بعد أن كنت بريئة الثقة
، عفويه التصرف .
أي حياه هذه ؟!
أي حياه ؟! ، أي حياه هذه بدون مشاعر الأخوة و الصداقة ، والإخلاص ، و الولاء والوفاء ؟؟؟
إنها ليست بحياة
، أنها مقبرة ... مقبرة فوق الأرض لا نور فيها ولا دفء ، الجميع بها تائهون ، لا يرون لهم
طريقا مضيئا ، يتخبطون ببعضهم البعض ، ولا أرى لهم طريقا أو مخرجا من هذا الظلام
إلا بالتعاون والتآلف ، سيظلون تائهون إلى أن يحب بعضهم بعضا بصدق ، فيكون فكرهم
جماعيا لا فرديا ، ومصلحتهم واحده ، ممسكين بأيدي بعضهم البعض سائرين صعودا"
من ظلمه الفردية و اللهث وراء المادة .
كثيرا ما أشعر
بالصدمة مما يحدث لي ومما ينتاب أسرتي الصغيرة ، ولا أعرف ما العمل ، وأجهل الحل والدواء ، وتنتابني ما لا يحصى من التساؤلات : هل
أعتزل الجميع القريب والبعيد ، حتى لا تتوالى
عليً الصدمات ؟؟ ، هل أفكر بنفسي فقط ولا آبه لأحد غيري( أنا ) كما يفعلون ؟؟ ، هل
أتجاهل من حولي ، وأغمض عيني ، وأسد آذاني ، وأغلق قلبي ، بحيث لا أرى إلا جوفي ؟؟
، هل أكون كالحية الميتة ؟ ، أم أن القول الأبلغ ( هل أكون كالميتة الحية؟ ) ،أو
أظل كما أنا ، و أستمر في تلقي الصفعات والصدمات إلى أن أفنى وأهلك ؟؟ .
( لا ) أفضل أن
أكون الضحية على أن أشاركهم هذه السموم ، وهذه المادية ، وهذا الزيف . سأظل
أسال نفسي ما العمل ، وما الحل الذي قد يوفره أي عقل لجلاء هذه الظلمة وهذا السراب
الذي يملأ الدنيا بأكملها؟ ، سأظل أبحث إلى أن أجد هذا العلاج ، أو أن أموت و لا
أزال أبحث عنه . ستظل كل جوارحي في تساؤل ، ولسان حالي يقول : حسبي الله ونعم
الوكيل ، حسبي الله ونعم الوكيل .
أسأل الله أن
يرشدني إلى طريق الصواب ، وأن يرضى عني أولا" وأخرا" ، و أن يجعلني أداه للخير والإصلاح ، ويدا" للنجدة والمساعدة ،
وملجأ" دافئا" حنون يلتجأ إليه الجميع ، لا يخاف النضوب ،
ولا يخشى الجروح ، ولا يريد المقابل إلا ثواب الله .لا إله إلا الله الحليم الكريم
لا اله إلا الله العلي العظيم ، لا إله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم . وسلاما
على كل من كان قلبه زاخرا بالمحبة الصادقة ، والإخلاص الحق ، و الولاء الطاهر
، والأخلاق الطيبة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق