الثلاثاء، 26 مارس 2013

مقال " لقاء الجوارح "

مقال
لقاء الجوارح

قلمي يرتعش لأن قلبي يرتعش ، وأنفاسي تتقطع ، وتهرب مني حيث أعجز عن التقاطها . و أكاد أجزم لو كنت أرى قلبي الآن ، أنه ينزف بشده تاركا وراؤه ألما لا يوصف ، فحين تعيش في دنيا لا تعرف لك فيها شريكا محبا أو صديقا وفيا أو عرقا يحن ، فأنها دنيا خاليه من النور ومن كل معاني الدفء ، وعن كل ماله معنى وكل ماله قيمه . بئسا لك من دنيا ، انك دنيا ولا زلت مستمرة في التدني وللأسف تأبين أن تتدني بمفردك ، ولكنك تأخذين معك كل ما هو جميل إلى حضيض موحش رائحته منتنة وأنفاسه كريهة ، رائحه تجعلك تختنق من أصابع قدميك وحتى أعلى قمه في رأسك بحيث تشعر أنك كالقنبلة الموقوتة التي توشك على الانفجار، ولكنها تفجر نفسها ولا تصيب أحدا بأذى ماعدا داخلها .

تبا" ، تبا" ، تبا" وألف مليون تبا" لك من دنيا . أعترف أني أقف أمامك عاجزة ، لا أعرف ماذا أقول ، ولا أعرف شيئا ، ولكن عقلي يحدثني بأن أغير معدني ، وقلبي يتمزق بشده حيث يخالف عقلي . فكيف له أن يتخلى عن محبه الناس ، ومحبه من هم أمام ناظريه ، ومن هم حوله ؟ ، كيف يفقد هبه الحب الصادق ، والقلب الطيب ، والإخلاص العذب ، كيف ؟!! ، كيف ؟!! ، إن فعل فقد أصبح كغيره من القلوب قاس ، صلب ، متحجر لا يكسره فأس ، له جذور ممتدة تسلب كل من حوله كل ذو منفعة ، غير مباليا إن ترك بعضا من الماء لغيره مادام قد حصل على مراده ، ومادام يحثه طمعه على امتصاص المزيد ، سيكون مثله مثل الحشائش الضارة أو كالنبات السام الممرض الذي يعيش بإمتته غيره ، ولكم سأكرهه إن كان كذلك ولكن ....... عقلي لديه حجه قويه فهو لا يزال يقول لي إن كان الآخرين لا يأبهون إلا بأنفسهم فافعلي مثلهم وإلا ستنتهين ، ولن تحصدي غير الحسرة والألم والحزن على من لا يستحقون ، وأخشى أن ينتهي بي الأمر بنزاع فيما بين قلبي وعقلي ، أو أن يغلب أحدهم على الأخر ، أو دون أن أجد جواب شافيا .


لا أعرف أين اختفت القلوب . أين ؟؟؟ أين ؟؟؟ . بالله عليكم إن كان فيكم من يعرف فاليسرع بالإجابة . أين اختفت القلوب في هذه الدنيا ؟؟ لقد كان لدي أملا" كبيرا" في أن أرى الخير في قلوب الناس ولكنه مع الوقت يخفت ضوءه أكثر فأكثر ، وأخشى أن يتلاشى .


ما عدت أعلم شيئا ، صرت أنخدع ممن هم على مقربه مني ، ما عدت أعلم لي صديقا" أو قريبا" ، تاهت مني المعالم ، وصعقت من القريب أكثر من البعيد ، وأصبحت محاطة بالخوف والرهبة مم بداخل هؤلاء ... حولي وقربي ، تمنيت لو أن عيني منظارا" يرى ما وراء الجسد ، ينفذ إلى الروح ، ويطًلع على خواطر القلوب وأسرارها حتى أحب من أحبني وأبتعد عمن لا يريد مني إلا مصلحته ومنفعته الخاصة ، لا يريد إلا أن يستغلني لأكون وسيلته ليصل إلى ما يريد وما يشتهي ، يكون بقربي عندما تكون لديه مصلحه خفيه يريد أن ينتزعها مني ، متخفيا" وراء تلك البسمة الكاذبة ، والمعاملة الزائفة كأني خرقه بيضاء بين يديه القاسيتين يعتصرني وقتما يشاء ويلقي بي وقتما يشاء . و أنا كالبلهاء أنخدع بتلك القشرة الخارجية اللامعة ولا أرى هذا السواد الذي يقبع خلفها .


أي حياه هذه التي نعيشها ؟! حياه مليئة بالمظاهر ، خاليه من المشاعر الرقيقة و المحبة الصادقة ، والأخوة المخلصة ، حياه تملؤها الذئاب . ذئاب ضارية ، شرسة تعض إخوانها نزاعا على الفريسة أو على قياده القطيع .لقد نظرت حولي يمينا ويسارا وحتى بأسفل الأرض ، وبالأعلى في السماء حيث لا مكان لآدمي ، فلم أجد ما أبحث عنه ، لم أجد عائله متماسكة تحب بعضها بعضا" لمجرد الحب والولاء فقط ، لم أجد صديقا مخلصا قلبا وقالبا ، لم أجد زوجا يقدر ما تلاقيه زوجته من مشقه لتمنح عائلتها حياه مرتبه نظيفه ، لم أجد مجالا" مهما تباين نوعه أو لونه إلا ويملؤه الصراع والقتال ، ويسوده الحقد ، لم أجد أخا" إلا وينتهك حقوق أخيه أبسطهم حقه في رؤيته ووده وصلته (وهذه التي قسمتني ) ، و لم أجد إلا النار والشرار والسواد القاتم . لقد فقدت الثقة بالجميع بعد أن كنت بريئة الثقة ، عفويه التصرف .

أي حياه هذه ؟! أي حياه ؟! ، أي حياه هذه بدون مشاعر الأخوة و الصداقة ، والإخلاص ، و الولاء والوفاء ؟؟؟

إنها ليست بحياة ، أنها مقبرة ... مقبرة فوق الأرض لا نور فيها ولا دفء ، الجميع بها تائهون ، لا يرون لهم طريقا مضيئا ، يتخبطون ببعضهم البعض ، ولا أرى لهم طريقا أو مخرجا من هذا الظلام إلا بالتعاون والتآلف ، سيظلون تائهون إلى أن يحب بعضهم بعضا بصدق ، فيكون فكرهم جماعيا لا فرديا ، ومصلحتهم واحده ، ممسكين بأيدي بعضهم البعض سائرين صعودا" من ظلمه الفردية و اللهث وراء المادة .


كثيرا ما أشعر بالصدمة مما يحدث لي ومما ينتاب أسرتي الصغيرة ، ولا أعرف ما العمل ، وأجهل الحل والدواء ، وتنتابني ما لا يحصى من التساؤلات : هل أعتزل الجميع القريب والبعيد ، حتى لا تتوالى عليً الصدمات ؟؟ ، هل أفكر بنفسي فقط ولا آبه لأحد غيري( أنا ) كما يفعلون ؟؟ ، هل أتجاهل من حولي ، وأغمض عيني ، وأسد آذاني ، وأغلق قلبي ، بحيث لا أرى إلا جوفي ؟؟ ، هل أكون كالحية الميتة ؟ ، أم أن القول الأبلغ ( هل أكون كالميتة الحية؟ ) ،أو أظل كما أنا ، و أستمر في تلقي الصفعات والصدمات إلى أن أفنى وأهلك ؟؟ .

( لا ) أفضل أن أكون الضحية على أن أشاركهم هذه السموم ، وهذه المادية ، وهذا الزيف . سأظل أسال نفسي ما العمل ، وما الحل الذي قد يوفره أي عقل لجلاء هذه الظلمة وهذا السراب الذي يملأ الدنيا بأكملها؟ ، سأظل أبحث إلى أن أجد هذا العلاج ، أو أن أموت و لا أزال أبحث عنه . ستظل كل جوارحي في تساؤل ، ولسان حالي يقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، حسبي الله ونعم الوكيل .


أسأل الله أن يرشدني إلى طريق الصواب ، وأن يرضى عني أولا" وأخرا" ، و أن يجعلني أداه للخير والإصلاح ، ويدا" للنجدة والمساعدة ، وملجأ" دافئا" حنون يلتجأ إليه الجميع ، لا يخاف النضوب ، ولا يخشى الجروح ، ولا يريد المقابل إلا ثواب الله .لا إله إلا الله الحليم الكريم لا اله إلا الله العلي العظيم ، لا إله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم . وسلاما على كل من كان قلبه زاخرا بالمحبة الصادقة ، والإخلاص الحق ، و الولاء الطاهر ، والأخلاق الطيبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق