الثلاثاء، 26 مارس 2013

مقال " قطار الموت "


 مقال

 قطار الموت

في صباح يوم السبت 17/ 11 : 2012 وبعد أن استيقظت نور وإختها الصغيره للإستعداد من اجل الذهاب الى المدرسه في بدايه الأسبوع الدراسي و بعد عطله جميله قضتها مع الأهل في بيت العيله يوم الجمعه الذي انصرف باكرا كعادته، استعدت نور و اختها بعد تناول فطورا بسيطا بمنفلوط أسيوط ، وودعتا أمهما بعد أن سمعتا بالأسفل باص المدرسه وقد اتى في موعده على غير العاده، فتقول الأم معلقة : " غريبه.. أتى مبكرا اليوم ولم يتأخر ربع ساعه كعادته، وبعد بسمه تهكميه ارتسمت على وجهها قالت .. خير خير " ثم قالت " يلا يا بنات انزلوا بسرعه قبل ما يمشي و يسيبكوا " ، فترد نور و أختها حاضر يا ماما " مع السلامه " . نزلت نور و اختها على السلالم درجه درجه ليخرجوا من البوابه و يصعدوا على درجات الباص درجه درجه. جلس الأختان وعلى و جههما ابتسامه جميله مشرقه كشمس الصباح ، و تحرك الباص متجها الى المدرسه الأزهريه ، و في الطريق يأتي المزلقان الذي يعبره الباص يوميا في طريقه الى المدرسه ، و هاهو الباص يستعد لعبور المزلقان بعد ان فتح للماره ، و يتحرك الباص ليعبر على شريط القطار ... وفجأه وبينما نصف الباص المحمل بالأطفال يتحدد بالضبط على شريط القطار.. فقط ثواني تفصله ليحرك نصفه الاخر ليعبر السكه بسلام .. يأتي القطار المسرع بإتجاه الباص و بداخله الأطفال فتتجمد الدقائق و الثواني و يتسمر السائق في ذهول ، وتحتضن نور أختها الحضن الأخير قبل ان تودع الدنيا ، و يصرخ الأطفال صراخا حادا متأملين ان يصحوا من كابوس لفيلم رعب يتجه نحوهم بسرعه هائله ... ولكنهم لم يصحوا و لم يتوقف فيلم الرعب الذي هز كيان الصغار الأبرياء الذين نظروا حولهم فلم يجدوا سوى وحش ضار متجه نحوهم بأقصى سرعه ، ولم يجدوا حتى لا أبا و لا أما يهرعون اليهم فيرتمون في احضانهم فزادت بروده الجو بروده فهُزت اجسامهم النحيله فوق الرعب هزه ... وها هي النهايه تقترب بعد رحله قصيره في حياه لم تترك لهم الفرصه حتى ليدركوا قصوتها ، وها هو صوت الأصتدام يفرقع كالرعد ويدوي ، و تزاح ارواحهم البريئه من على القضبان الصلبه ليتركوا خلفهم فراغا وألما حادا حول الصباح الى ظلام دامس ، فغطت الغيوم السوداء شعاع الشمس ، و خيم الحزن الأجواء فأصبح استنشاق نسيم الصباح يفطر القلوب ويؤلم الصدور بحيث تعجز عن التنفس، و عم الصمت .. صمتا من أكثرهم ترويعا .. صمتا تستطيع ان تسمع من خلاله صراخ الأطفال و عويل الأباء و آهاتهم ... أطفالا غرقوا و ما زالوا يغرقون و أباءا يصرخون لقوارب النجاه أن تنتشل فلذه اكبادهم المتناثره تطفو على قضبان الدم .
____
لم تعلم نور ولا اختها و بقيه الأطفال انها المره الأخيره التي سيرون فيها أبائهم ، ولا أبائهم إنها المره الأخيره التي سيرون فيها أطفالهم ربما لو علموا ان باص المدرسه لن يأخذهم الى المدرسه اليوم و لكنه سيأخذهم من على وجه الدنيا .. ترى ماذا كانوا سيفعلون ، هل كانوا ليمنعونهم من الذهاب الى المدرسه ومن ركوب سفينه الموت ؟؟ ، هل كانوا ليضمونهم اليهم ضمه حزينه أخيره ؟؟ ، هل ... ، إنه قضاء الله و لا راد لقضاء الله ، وليس لنا إلا ان نقول إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم صبر ذويهم صبرا يملأ صدورهم بردا و سلاما يخفف نيران قلوبهم المتأججه ، اللهم برحمتك لا ترينا ما نكره فيما نحب ، ولا تذيقنا لوعه قلوبهم .
____
إننا نبكي ونتألم بألما يعتصر جوفنا ،و لا استطيع أن أصدق أن هناك من لا يبكي و يتألم لهذا الحدث المروع ،لا أستطيع أن أصدق من يجلس على كرسيه مسترخيا شاغلا كل مساحه فيه للراحه دون ان يهتز يتحرك أو أن يجلس على حافته ، فما حدث ليس بيسير ...أن يروع الأطفال الأبرياء الصغار و تؤخذ ارواحهم و يسرقوا من أبائهم هكذا ... لا ليست بالهينه و لا باليسيره إنه أمر جلل يحتاج لرد فعل جلل ، فهذه هي القاعده كما نعلمها لكل فعل رد فعل ، هما كفتين لابد لهما أن يكونا متساويتين و متوازنتين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق